قبل المباشرة في تعريف الدخل القومي (National Income) لا بد من التوقف عند بعض التعاريف التي يتعين التمييز بينها.
الناتج القومي الاجمالي -GNP Gross National Production ويقصد به قيمة سائر السلع والخدمات النهائية بأسعار السوق، والتي تنتج بوساطة عناصر الانتاج في الاقتصاد الوطني (سواء تمت هذه العملية داخل البلد أو خارجه) خلال فترة زمنية محددة (سنة واحدة عادة). وهذا المقياس يساعدنا في تحديد مستويات التطور الاجتماعي (من بينها مستوى المعيشة)، كما يساعدنا على فهم بعض الظواهر الاقتصادية، كالتشغيل الكامل، والبطالة والتضخم. وبذلك يكون الناتج القومي الاجمالي مقياسا لمقدارما ينتجه الاقتصاد في فترة زمنية محددة.
الناتج القومي الصافي -NNP Net National Product ويقصد به الناتج القومي الإجمالي مطروحا منه نفقات الاندثار للأصول الرأسمالية المختلفة التي يمتلكها المجتمع.
الناتج المحلي الاجمالي - GDP Gross Domestic Product ويقصد به قيمة اجمالي السلع والخدمات النهائية بأسعار السوق والمنتجة داخل بلد ما خلال فترة زمنية محددة (تكون سنة عادة)، بغض النظر عما اذا كانت تلك السلع والخدمات منتجة بوساطة هيئات وطنية أو أجنبية. واساس تحديد الناتج المحلي جغرافي الطابع أي ما ينتج داخل حدود البلد الواحد.
إنه مقياس للسلع والخدمات التي أنتجها النشاط الاقتصادي في مجموعة خلال فترة من الزمن، ويتم الحصول عليه بتقييم السلع والخدمات التي أنتجت خلال السنة بأسعار السوق ثم تجميع هذه القيم. ويلاحظ استبعاد قيم المنتجات الوسيطة ( Intermediate products ) التي دخلت في منتجات أخرى، وبذلك نقتصر على السلع والخدمات التي أنتجت للإستهلاك النهائي وكذلك سلع الاستثمار وذلك لأن قيم المنتجات الوسيطة دخلت في حساب قيم المنتجات النهائية وادخالها في الحساب يؤدي إلى الازدواج في التقييم. أما المنتجات الوسيطة التي أنتجت خلال السنة ولا تزال كما هي فتدخل قيمها في الحساب. وكلمة إجمالي ( (Gross تعني عدم استبعاد أي مبالغ بغرض الاهتلاك واستبدال السلع الرأسمالية التي تعمل في الإنتاج بسبب تقادمها. ونظرا لأن الدخل الناتج من الاستثمارات التي يمتلكها المواطنون والمؤسسات المحلية والدولة في الخارج لم يحسب ضمن القيمة التي وصلنا إليها واقتصر الامر فقط على السلع والخدمات التي أنتجت في داخل الدولة لذلك استخدمت كلمة محلي Domestic للتمييز بين هذه القيمة وقيمة الإنتاج القومي الإجمالي. ونظراً إلى أننا لم نأخذ في اعتبارنا الضرائب غير المباشرة والإعانات لتعديل القيمة التي وصلنا إليها، لذلك يشار إلى هذه القيمة على أنها الناتج المحلي الإجمالي بأسعار السوق ( at market prices ) .
نعود الان الى الدخل القومي.
لفهم ما المقصود بالدخل القومي National Income لا بد من العودة الى المنتوج الاجتماعي الاجمالي حيث يمكن تقسيمه الى القيمة القديمة و القيمة المتكونة من جديد، وذلك من حيث التركيب القيمي للمنتوج. فالجزء الأول أي رأس المال الثابت (ث) يعوض وسائل الانتاج المستهلكة خلال عملية الإنتاج وذلك خلال فترة محددة. أما الجزء الثاني من المنتوج الاجتماعي الاجمالي الذي يبقى بعد تعويض وسائل الانتاج المستهلكة فهو الذي يشكل الدخل القومي للمجتمع. ومن الناحية الطبيعية يتمثل هذا في مواد الاستهلاك ووسائل الإنتاج التي تغطي الاستهلاك والتراكم. والقيمة الجديدة التي تتكون في عام معين تساوي في مقدارها الدخل القومي.
من المعروف أن قياسات الدخل القومي توضح المعدَّل الذي يتغير به اقتصاد البلاد. كما توضح تلك القياسات مدى استقرار الاقتصاد. ويمكن للاقتصاد أن يعاني من عدم الاستقرار إذا تقلب الدخل القومي بصورةٍ كبيرة بين سنة وأخرى. كذلك، توضح أرقام الدخل القومي كيفية توزيع الدخل بين كلٍّ من الأجور والفوائد والأرباح والريع.
يصحِّح كل من الحكومة وقطاع الصناعة ميزانياتهما آخذين في الحسبان مستوى التوزيع، ومعدل التغيير الذي يحدث في الدخل القومي، فإذا تناقص الدخل القومي، على سبيل المثال، يمكن للحكومة أن تخفض من الضرائب، وذلك بهدف إعطاء الناس المزيد من الدخل المتاح للتصرف فيه بالإنفاق. فإذا أنفق الناس هذه الزيادة التي حدثت في دخولهم على السلع والخدمات المنتَجة محليًّا، فإن درجة نشاط الأعمال ستتزايد، ويؤدي ذلك إلى إيجاد المزيد من الوظائف وفرص العمل، الأمر الذي قد يقود بدوره إلى تزايد الدخل القوميّ.
ويعتبر الدخل القومي مؤشرا هاما يدل على القدرة الاقتصادية للبلاد علما ان الأمر الاهم هو كيفية توزيع هذا الدخل بين السكان وهذا الاخير مرتبط بطيعة علاقات التوزيع التي هي انعكاس لعلاقات الملكية السائدة.