في ديسمبر/كانون الاول 2024، بينما واصلت اسرائيل قصفها لمخيمات اللاجئين في قطاع غزة، ظلت مسألة تبادل الاسرى في قلب المناقشات الرامية الى وقف اطلاق النار، وغالبا ما تكون المعتقلات الفلسطينيات في مقدمة من يطلق سراحهم الى جانب القاصرين .
صرخات الفرح في جميع أنحاء البيت، الدموع تنهمر على وجوه متعبة من الانتظار الذي لا يطاق لعودتهن، الجيران يأتون لتقديم التهاني.، تجد المعتقلة الفلسطينية نفسها في أحضان أحبائها، احيانا بعد عدة سنوات من الفراق، كانت هناك مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر عملية اطلاق سراح عشرات الاسرى من السجون الاسرائيلية البعض تم القبض عليهم قبل اسابيع وبعضهم عشرات السنين لأسباب غير واضحة في كثير من الاحيان ، بعضهم صغار السن واحيانا قاصرين والبعض الاخر مسننين يعانون من مشاكل صحية .
منذ قيام دولة اسرائيل عام 1948، احتل السجن مكانة مركزية في علاقات الهيمنة التي تنظم الحياة اليومية للسكان الفلسطينيين، وعلى مر السنين فرضت الادارة الاستعمارية نظامين قانونيين ، مما أدى الى خلق " تفاوت قانوني " على اساس عرقي : ففي جريمة من نفس الطبيعة وترتكب في نفس المكان ، سيحاكم الفلسطيني امام محكمة عسكرية بينما المستوطن امام محكمة مدنية بسيطة (1) وينطبق مبدأ التميز على جميع الفلسطينيين، سواء كانوا من الضفة الغربية أو القدس أو فلسطيني اسرائيل أو المقيمين في الخارج ، لانهم يعتبرون مجموعة سكانية مشبوهة ويشكلون تهديدا لأمن الدولة "المعتقلين الأمنيين "، وعلى هذا الاساس فأنهم يخضعون لنظام الاعتقال الاداري الذي يسمح بالسجن لفترة غير محددة ودون توجيه تهم رسمية أو محاكمة و لأسباب سرية لا يستطيع حتى محاميهم من الاتصال بهم . تستمر عمليات الاعتقال من هذا النوع التي يمكن أن تمتد الى ستة اشهر قابلة التجديد الى اجل غير مسمى من قبل حاكم عسكري ويوجد اليوم اكثر من 3400 معتقل (2) . وقد عانى ما يقرب من مليون شخص من الحبس منذ عام 1967 أي 40% من السكان الذكور (3) مما يعني أن كل عائلة لديها سجين أو اكثر .
مرت الانتصارات في صمت...
على مر السنين ، نظم السجناء أنفسهم للدفاع عن حقوقهم والقيام بأعمال احتجاجية مما أدى الى ظهور حركة منظمة . النضالات الاولى بدأت منذ السبعينيات ، تتعلق بظروف الاعتقال والاعتراف بكونهم سجناء سياسيين ( اسير واسيرة) هذان المصطلحان ، المذكر والمؤنث وايضا الى أسرى الحرب ، وفي الثمانينيات ، التي تعتبر الفترة الاكثر نشاط للحركة ، تطورت حياة ثقافية وسياسية مزدهرة داخل جدران السجن ، وأصبحت نموذجا للنضالات الدائرة في الخارج . وكانت الانتفاضة الاولى ( 1993- 1995)، قد سمحت بأطلاق سراح جميع النساء وجزء كبير من الرجال ، ولم يبق خلف القضبان سوى 350 معتقل ، انظم اليهم نشطاء من الاحزاب الاسلامية الذين اعتقلوا بأعداد كبيرة بعد الهجمات التي شنتها حماس والجهاد الاسلامي ( 1993-1998)، وشهدت الانتفاضة الثانية ( 2000-2005) ظهور جيل جديد من الاسرى ذو خبرة سياسية قليلة ، ونظرا لانقسامهم السياسي وعدم وجود معتقلين ذو خبرة سياسية للسيطرة على هذا الانقسامات بدأت حركة السجناء تعاني من الضعف . تتعلق هذه الاختلافات في المواقف بين السجينات ايضا ، رغم أن حركتهن اكثر مقاومة للتفكك ، اولا لأن عددهم أقل من الرجال وثانيا لا يمكن حبس اكثر من مائة سجينة في نفس الوقت ، اي اقل من 3% من نزلاء السجون (4)، وكثير من الاحيان تحشر النساء في سجن واحد مما ساهم في توحيد تنظيمهن .ولكن انتصاراتهن تم تجاهلها الى حد كبير.
في السبعينيات ، تم ارسال السجينات الاوائل الى سجن نيفي ترسا ( الرملة) جنوب تل ابيب ، معظمهن ناشطات من اليسار الفلسطيني أو منظمة فتح ، وقد انظموا الى دعوات الاحزاب التي تنطلق من سجون الرجال وايضا قادوا نضالاتهم الخاصة كتنظيم عصيان لرفض الاعمال التي تفرضها عليهم ادارة السجن وكذلك مطالبتهم بفصلهم عن السجينات الاسرائيليات المحكومات بقضايا عامة وتوكيد هويتهم كسجناء سياسيين. تتميز هذه الفترة بشخصية السيدة عائشة عودة ، التي تنحدر أصولها من دير جرير ، وهي قرية صغيرة قريبة من رام الله هربت منها عائلتها خلال النكبة ، معلمة رياضيات في مدرسة للبنات ، انضمت اولا الى الحركة القومية العربية ثم بعد حلها الى الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ، اتهمت بزرع قنبلة في السوبر ماركت في القدس وحكم عليها عام 1969 بالسجن مدى الحياة ، ثم اطلق سراحها في عام 1979 في اول عملية تبادل الاسرى .
في بداية الثمانينيات ، تمت اعادة هيكلة الحركة حول جيل جديد من السجينات الاقل خبرة في العمل السياسي مثل السيدة روضة بصير ، ولدت في نفس قرية السيدة عودة وكانت ممثلة للأسرى ، وفي عام 1985 تم افراغ الزنازين مرة اخرى وتم اطلاق سراح 1150 سجيناً فلسطينيا معظمهم من النساء المحتجزات آنذاك ،ولكن السجون تمتلئ مرة اخرى مع بداية الانتفاضة الاولى بين عامي 1987 و1993 ، تعرضت ما يقرب من 3000 امرأة للسجن ، ولأول مرة يتم حجز متظاهرين أو افراد من عائلات الناشطين خلف القضبان . على الرغم من تنوع خلفياتهم الاجتماعية وخبراتهم السياسية ، إلا أن هؤلاء السجينات شكلوا وحدة متينة ، وفي عام 1995 وفي اطار مفاوضات اوسلو الثانية ، اعلن مدير سجن الشارون ، شمال شرق تل ابيب عن اطلاق سراح جميع السجينات الذين كان عددهم 30 سجينة باستثناء سبعة منهم متهمات بالتورط في قتل جنود اسرائيليين ومن باب التضامن ، رفضوا الخروج وحبسوا انفسهم في زنزانتين وبعد ستة عشر شهرا ، فازوا بقضيتهم , « لقد كان نصرا تاريخيا ، لقد فوجئ الجميع واولهم المحتلين ، ولكن ايضا المجتمع الفلسطيني » تتذكر السيدة رولا ابو دحو الناشطة في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والقادمة من بيت لحم والتي حكم عليها عام 1988 بالسجن لمدة خمسة وعشرين سنة .
في الانتفاضة الثانية تضاعف عدد الاعتقالات ، إلا أن عدد الاسرى ارتفع الى 115 في الفترة 2004-2005، وازداد ثقل حماس والجهاد الاسلامي مما أدى الى اختلال التوازن داخل الحركة وازدادت التوترات بين السجينات واستغلت ادارة السجن الفرصة لتوزيع السجينات في سجني هشارون والدامون حسب انتماءاتهم السياسية وايضا بهدف تأجيج الخلافات وكسر التضامن بينهم . مع ذلك استمرت بعض الشخصيات في توحيد الحركة ، مثل الشخصية الكاريزمية السيدة عطاف عليان التي اطلق سراحها عام 2008 , يعكس مسار هذه الناشطة اعادة تكونها : كانت في الاصل ناشطة في فتح ، ثم اصبحت اقرب الى الجهاد الاسلامي خلال اعتقالاتها المتعددة التي امتدت لتسعة عشر سنة منذ عام 1998 وما زالت حتى يومنا هذا .
على مدار السنوات العشر الماضية ، مع تجمع السجينات تدريجيا في سجن الدامون ، ضمت صفوفهم عددا متزايدا من النساء الذين تم اعتقالهم بسبب أعمال فردية معزولة : هجمات بالسكاكين (سواء كانت ناجحة أولا )، محاولات تهريب هواتف اثناء الزيارات ، مشاركة في مظاهرة ، منشورات على شبكات التواصل ، وفي مواجهة هذا التدفق من السجينات قليلي الخبرة السياسية ، تمكن هذا الجيل الجديد من الناشطات نقل خبرتهم الى السجن ، منهم ناشطات في الحركة النقابية المرتبطة باليسار الفلسطيني ، مثل السيدة شذى عودة ، ختام سعافين ، ومنهم اعضاء الجهاد الاسلامي مثل السيدة منى قعدان ، أو حتى صغار السن منهم السيدة روى عاصي ، ايليا ابو حجلة ، ليان ناصر ، اعتقال كايد ، طلبة في جامعة بير زيت (رام الله) وهم اعضاء منظمة قطب الديمقراطي التقدمي ، اتحاد يساري قريب من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، وخلال فترة سجنهم لعدة اشهر بين عامي 2020 و2021 ، قاموا بدور فعال في إعادة اطلاق البرامج التعليمية للسجناء ، ولعبوا دورا مهما في تعزيز الحركة .
اقرأ أنجيلا ديفيس أو القران
يعود التقليد التعليمي الى فترة السبعينيات ، السجينات الاكثر تأهيلا يقدمون دروس محو الامية لزميلاتهم السجينات وتوزيع الكتب ، الاستماع الى الراديو بشكل مستمر ، حيث يتم تنظيم مناقشات . وعند اكتشاف هذه النشاطات ، تعمل ادارة السجن على تشديد اجراءات الرقابة داخل السجن . السيدة امال ر, (5) ولدت عام 1994 في قرية قريبة من بيت لحم ، سجنت بين عامي 2014 و 2021 ، بعد اصابتها بجروح خطيرة على يد الجنود ، اتهموها بمحاولة مهاجمة مستوطن . تتذكر الحيل التي كانت تبتكرها مع رفيقاتها للالتفاف على القيود ، «كنا نضع الكتب المدرسية داخل الروايات ، نغير اغلفة الكتب وبهذه الطرق استطعنا ادخال الكثير من الكتب ، السبورة كانت ممنوعة كنا نستخدم زجاج النافذة ، كانت الفصول الدراسية ممنوعة ، كنا نقيمها اثناء فترة المشي ».
على مدى العقد الماضي ، تولت السجينات المعتقلات بسبب انشطتهم السياسية مسؤولية التنظيم السري لهذه الدورات , السيدة خالدة جرار ، شخصية قوية من اليسار الفلسطيني ، حاملة شهادة ماجستير في الديمقراطية وحقوق الانسان من جامعة بير زيت ، عملت مديرة لجمعية الضمير لدعم المعتقلين الفلسطينيين بين عامي 1994 2006 ، قبل أن يتم انتخابها لعضوية المجلس التشريعي الفلسطيني ، عضوة في الجبهة الشعبية ، تعرضت للاعتقال ستة مرات منذ عام 1989 واخرها يعود الى 26 ديسمبر/كانون الاول 2023 ، ( اطلق سراحها مؤخرا بعد وقف اطلاق النار الاخير في غزة—المترجم)
منذ عام 2015، عملت هذه الناشطة على اصلاح النظام التعليمي داخل سجن هشارون الاسرائيلي ، وبالتعاون مع السيدة لينا الجربوني ، فلسطينية من اسرائيل ، تابعة لحركة الجهاد الاسلامي وممثلة منتخبة للأسرى . التعاون من هذا النوع بين الاطراف المتباعدة أيديولوجيا ليس استثنائيا ، فرغم فترات التوتر وحتى الاشتباكات التي كثير ما تستغلها سلطات السجن ، مع ذلك يبقى السجن مكانا للقاء والتنسيق بين الاطراف ، خاصة بين النساء المعتقلات لكونهم يتركزون في سجن واحد ، وعلى نفس المنوال واثناء إقامتها في السجن عام 2015 ، نظمت السيدة جرار مع زميلاتها من السجينات وبالتنسيق مع وزارتي التربية وشؤون السجناء ، التحضير لامتحان البكالوريا ،لأول مرة ، تؤدي اكثر من ثلاثين امرأة امتحانها سرا في السجن ، وبين عامي 2017 و 2020، نظمت مع سجناء اخرين تدريبا في القانون الدولي ودورة جامعية في العمل الاجتماعي معترف بها من جامعة القدس في رام الله وخاصة للمحكومين بإحكام طويلة .
لم يعد التعليم مجرد وسيلة لاكتساب المعرفة والخبرة ، وانما أصبح سلاحا حاسما " من المفارقة أننا في مكان من الحرمان ، تمكنا من انشاء تعليم يشبهنا ، تعليم متحرر، اقوى من الخارج ، لقد اعتمدنا على كتب باولو فريري ( المعلم البرازيلي ، مؤلف كتاب " بيداغوجيا المضطهدين 1968، الذي يدعو الى محو الامية العسكرية " ) يجب أن يعكس التعليم الذي نضعه دورنا كمقاتلين وأن يفكك جميع علاقات القوه التي تشكل العالم ، تحليل السيدة كياد وهي من عائلة متواضعة في قرية من طولكرم وتشارك السيدة حنين ب . زنزانتها مع السيدة جرار ، تم القبض عليها بسبب منشوراتها على مواقع التواصل الاجتماعي . تتذكر انها في البداية لم تكن تفهم الكثير من الامور السياسية ، لكن وجودها مع الرفيقات ، تعلمت الكثير وبدأت في طرح ومناقشة القضايا المهمة والمشاركة في المناقشات .
تعكس الصور الشخصية والخلفية السياسية للسجينات والمسؤولين عن المشروع التعليمي من ناحية المحتوى ومواد الدورات السرية كون معظم الجيل الاول من السجينات من اليسار الفلسطيني أو فتح ، يقرأون الادب السوفيتي ونصوص كارل ماركس ولينين . ومنذ عام 2000 زاد عدد المعتقلات من الاحزاب الاسلامية ولا سيما المنتميات الى الجهاد الاسلامي وكانوا يعتمدون على نصوص من القران لمناقشة شرعية مشاركة المرأة في الكفاح المسلح أو كيفية التوفيق بين الحياة الاسرية والحياة الحزبية , في الوقت نفسه تركزت دورات السيدة جرار وغيرها من سجينات اليسار على قراءة وتحليل أعمال مكسيم غوركي وأنجيلا ديفيز والناشطة البوليفية دوميتيلا باربوس دي تشونقارا .
مفارقة تجربة السجن : بينما أعتمد النظام الاستعماري على تقسيم الاراضي الفلسطينية الى جزر معزولة بعضها عن بعض (6) أصبح السجن أحد امكان اللقاء النادرة بين الناشطين من مختلف الاحزاب ولكن ايضا بين النساء من المخيمات والمدن والقرى ومن النساء الفلسطينيات من غزة واسرائيل والضفة الغربية , التي تفصل بينها نقاط التفتيش وطرق سريعة مخصصة للإسرائيليين , في السجن نجد نساء من طبقات اجتماعية مختلفة ومتباعدة ، تلتقي الطبيبات والسياسيات والفلاحات والطالبات والنساء المسنات والفتيات اللائي لم يغادرن بيوتهن يأتين من كل مكان ويجدن أنفسهم منظمات معا " تؤكد السيدة كايد أنه من خلال التواصل مع بعضهم البعض ، يتعلمون ويقارنون عاداتهم ويفهمون ايضا مدى الانتهاكات التي يرتكبها الاحتلال الاسرائيلي ويختبرون قوة الوحدة والتضامن التي يحاول الاستعمار أعاقتها ، والانقسام السياسي للحركة الفلسطينية خارج جدران السجن .
التشديد المستمر في ظروف الاعتقال ، لم يوقف أو يضعف المقاومة , بالإضافة الى ذلك يعاني السجناء من العنف والاذلال وخاصة النساء ، ولكن تقنيات الدفاع عن النفس تنتقل من جيل الى جيل وفي احيان كثيرة منذ دخولهم الى السجن . احدى السجينات تروي قصة على سبيل المثال ( امرأة مسنة ومتدينة من القدس ، تم اعتقالها لإجبار أبنها على الاستسلام ، تنقل بسيارة جيب الى موقع التحقيق ، معتقلة اخرى تشرح لها أنه في حالة التهديد بالاغتصاب أو اللمس من قبل الجنود ، عليها أن تتصرف وكأنها غير خائفة وأظهري كونك طبيعية ولا تظهري لهم أنهم يصدمونك أو يهينوك )، ( وعندما هددها أحد الضباط بالفعل ، نظرت اليه المرأة العجوز مباشرة في عينيه ، وفكت ازرار عباءتها قائلة له ،هيا أذا كنت فعلا رجلا ) هذا النوع من القصص نشر كما فعلت السيدة عودة في 2004 ، قصة اغتصابها اثناء الاعتقال في كتابها " احلام الحرية " (7) الذي نشر على نطاق واسع وحصل الكتاب على جائزة ابن رشد للأدب العربي عام 2015، بالنسبة للعديد من السجينات ، يعتبرن السجن بمثابة مدرسة توعية بالعلاقات بين الجنسين ، داخل السجن وكذلك في اسرهم ، في العمل ، في المدرسة « توضح السيدة كايد ، لقد حرمت العديد من النساء اللواتي التقيناهن في السجن من التعليم بسبب الظروف الاسرية الصعبة أو الزواج المبكر ، وخلال احتجازهن تمكنوا من تطوير ضمير نقدي وكسبوا خبرة وكيفية تحمل المسؤولية » وعندما يغادرون السجن ، يعود البعض الى عائلاتهم متوجين بنشاطهم السياسي وعلى العكس من ذلك يتعرض الاخرون الى ضغوط من اقرابهم ، خوفا عليهم من العودة الى السجن ، وذكرت الناشطة امال ر.أنها حاولت كسر هذه العزلة التي يفرضها الاقارب ولكن ليس دائما تنجح في ذلك .
منذ 7 اكتوبر/تشرين اول 2023، أشارت المعلومات النادرة التي تسللت الى وضع السجناء في ظروف قريبة من البقاء على قيد الحياة . تحقيق قامت به شبكة الكابل الاخبارية ( CNN) يسلط الضوء على روايات التعذيب بالصدمات الكهربائية والاغتصاب في سجن سدي تيمان الاسرائيلي (8) ويتزايد الضغط على السجناء في كل مكان بما في ذلك اماكن النساء . في اول من ديسمبر/كانون الاول أعلنت جمعية الضمير في بيان صحفي عن وفاة 47 معتقلاً (9)وارتفعت اعداد المرضى بشكل هائل بسبب الحرمان من الرعاية الصحية والغذاء وتزايد احتجاز المصابين . في منتصف ديسمبر/كانون الاول ، أحصت المنظمة 90 امرأة مسجونة مقارنة ب 33 قبل 7 اكتوبر ولا يشمل تلك المحتجزات في اماكن سرية .
تشديد قسوة ظروف الاحتجاز
تبقى مسألة السجناء في قلب المفاوضات السياسية ، في 8 ديسمبر/كانون الاول طلبت حماس من عدة حركات فلسطينية احصاء عدد الاسرائيليين المختطفين خلال هجوم 7 اكتوبر سواء احياء أو موتى بهدف التبادل . منذ بدء الحرب ، أتاحت هدنه اولى مدتها اسبوع واحد في نوفمبر 2023 اطلاق سراح 105 مختطفين بينهم 81 اسرائيليا مقابل 240 معتقل فلسطينيا معظمهم من القاصرين والنساء . اطلق سراح السيدة شروق دويات التي حكم عليها عام 2015 بالسجن ستة عشر عاما عن عمر يناهز 18 عام بعد اتهامها بطعن مستوطن . أو السيدة عهد التميمي البالغة من العمر 22 عام ، وجه جديد من الناشطات الفلسطينيات والمعروفة بالصفعة التي تلقاها جندي إسرائيلي واعتقلت في قريتها النبي صالح في 6 تشرين الثاني 2023 بتهمة " التحريض على الارهاب " ومنذ عملية التبادل عادت حوالي 150 امرأة الى السجون الاسرائيلية ، اربع منهن كن وراء القضبان قبل 7 اكتوبر (10)
خلال غزو قطاع غزة ، انتشرت عبر شبكات التواصل الاجتماعي صور لجنود إسرائيليين وهم يعرضون ملابس داخلية نسائية عثر عليها في المنازل التي احرقوها للتو أو قصفوها أو نهبوها . وتشير الشهادات الى أن حالات العنف الجنسي أخذة في الانتشار بما في ذلك داخل السجون (11) . قبل أن يتم أعتقالها مرة اخرى في ديسمبر 2023 ، قامت السيدة جرار بجمع قصص من سجينات بالكاد اطلق سراحهم (12) . الجميع يروي قسوة ظروف الاعتقال : المضايقات ، التفتيش الجسدي التطفلي ، الحرمان من المواد الصحية والتهديد بالاغتصاب امام عوائلهم ....هذا العنف كان موجودا قبل 7 اكتوبر ولكنه اخذ طابعا منهجيا . لقد وضعوا القدرة على البقاء والتنظيم الجماعي على المحك ، وبالرغم من هذا السياق ، فأن قصص المقاومة لا تزال تتسرب من جدران السجون .
هيلين سيرفيل و اسيا زينو : لوموند دبلوماتيك – كانون الثاني /جانفيه/2025
(1) Abeer Baker et Anat Matar (sous la dir. de), Threat. Palestinian Political Prisoners in Israel, Pluto Press, Londres, 2011.
(2) Recensement au 13 décembre 2024 établi par l’association Addameer, Jérusalem.
(3) Stéphanie Latte Abdallah, La Toile carcérale. Une histoire de l’enfermement en Palestine, Bayard, Paris, 2021.
(4) Stéphanie Latte Abdallah, « Incarcération des femmes palestiniennes et engagement (1967-2009) », Le Mouvement social, n° 231, Paris, 2010.
(5) Pour les personnes ayant requis l’anonymat, le prénom a été changé.
(6) Voir la carte de Cécile Marin, « Israël et Palestine, territoires imbriqués », Manière de voir, n° 193, « Israël-Palestine. Une terre à vif », février-mars 2024.
(7) Aicha Odeh, Ahlam bil Huriyeh, Muwatin, Ramallah, 2004.
(8) « Strapped down, blindfolded, held in diapers : Israeli whistleblowers detail abuse of Palestinians in shadowy detention center », CNN, 11 mai 2024.
(9) « 9500 detainees are held in Israeli prisons », Addameer, 17 avril 2024.
(10) « Gaza in context — A collaborative teach in series : Prisons and incarceration in a time of genocide », Jadaliyya, 27 décembre 2023.
(11) Sarah Ihmoud, « The cunning of gender violence in Israel’s war on Palestinian women », Jadaliyya, 3 avril 2024.
(12) Khalida Jarrar, « Violations against male and female prisoners during Israel’s war of genocide on Gaza » (PDF), The Independent Commission for Human Rights, décembre 2019